قصة البداية..
أنا أسمي صياح موسى القبيسي ولدت في منطقة ليوا وحضرت لأبوظبي في عام 1964 وكان عمري نحو 15 سنة تقريباً ولم يكن لي أي معارف فيها وأقمت في مسجد الوسواس بشارع خليفة، بالقرب من بنك أبوظبي التجاري، "وكنت أنام وأتناول طعامي في المسجد وأنطلق منه يومياً للبحث عن عمل".
اختبار ذكاء (IQ):
وفي أحد الأيام تقابلت مع شخص أيرلندي أسمه السيد ديلي، علمت أنه توفي قبل أربع سنوات فقط، وأخبرته بأني أبحث عن عمل فطلب مني أجراء اختبار ذكاء (IQ) ونجحت فيه فعرض علي فرصة للدراسة في معهد التدريب التابع لشركة البترول البريطانية BP على أن يصرف لي 30 روبية هندية في الشهر فوافقت على ذلك.
أم احمد:
بثم في نفس تلك الفترة تعرفت على شخص هندي فعرض على الانتقال لجزيرة داس للعمل كعامل لنظافة الغرف مقابل 180 روبية فوافقت وذهبت لجزيرة داس على متن طائرة بثلاث إطارات كنا نطلق عليها اسم "أم أحمد". وفي داس ظللت أعمل في مجال نظافة الغرف وحصلت على فرصة للدراسة في معهد التدريب الخاص بشركة البترول البريطانية فكنت أعمل في النهار وأدرس بالليل وذلك لمدة سنتين.
العودة لأبوظي:
وثم قابلت السيد ديلي مرة أخرى وعرض علي العودة لأبوظبي والالتحاق بمركز التدريب التابع للشركة فوافقت وسكنا مع مجموعة من الأصدقاء في عريش كان على شارع حمدان وكنا نذاكر دروسنا بالليل على ضوء المصباح الكهربائي الذي يعمل من المولد الخاص بمحل راشيد عويضة وعندما يتم إيقاف المولد نلجأ للدراسة على ضوء فانوس يعمل بالغاز إلى أن تخرجت منه في عام 1966 بشهادة CITY F GILT.
منحة دراسية:
وفي عام 1966 تحصلت أنا والأخوة وفرج بن حمودة وعبدالله ناصر على منحة لدراسة الهندسة في بريطانيا وكنا بذلك أول دفعة من الطلاب من أبناء أبوظبي تذهب للدراسة بالخارج. ودرست الهندسة الميكانيكية في جامعة ويلز، سوانزي University of Wales Swansea وعدت أنا في عام 1974 حيث واصلت العمل في شركة البترول البريطانية.
الدائرة:
في عام 1976 طُلب مني العمل كمدير فني للكهرباء بدائرة المياه والكهرباء ثم كوكيل للدائرة وذلك تحت قيادة سمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان. والدائرة كانت صغيرة وتقوم بإنتاج المياه والكهرباء ونقلهما وتوزيعهما في كافة أنحاء إمارة أبوظبي التي بدأت تكبر بشكل مطرد وسريع. وكان للمرحوم صاحب السمو الشيخ زايد تصوراً كبيراً للإمارة وتطورها وتوفير الخدمات الأساسية وكان ذلك يأخذ وقتاً طويلاً وفي أغلب الأحيان لا يتلاءم مع الخطط التي تنفذها الإمارة وهذا الجهد يشل كل الدوائر والوزارات خاصة التي تعمل في مجال الخدمات الأساسية، مما كان يتطلب من كافة المسئولين في الدائرة العمل المتواصل لتحقيق هذه الطموحات وتوفير الإنتاج الكافي.
إنتاج ونقل وتوزيع:
ويقول القبيسي: "رأت الدائرة في ذلك الوقت أن مقتضيات تطوير العمل في القطاع تتطلب العمل على دعم الجوانب الثلاثة للعمل فيه، وهي الإنتاج والنقل والتوزيع، فإغفال أي جانب من هذه الجوانب قد يؤدي لحدوث خلل يشمل كافة الجوانب".
مياه وكهرباء:
وحول الإنجازات التي قامت بها الدائرة خلال عمله فيها، يقول القبيسي: "تمكنت الدائرة من وضع خطة لمدة عشرين سنة مع توفير الاعتمادات المالية اللازمة لها وذلك لتنفيذ عدد من المشاريع الهامة منها إنشاء مقطرات في محطات أبوظبي المكونة من توربينات بخارية ومقطرات، وحدات من شركة سيدم الفرنسية، والمرفأ في المنطقة الغربية ومحطتي أم النار الشرقية والغربية ومحطة والطويلة (أ) والطويلة (ب) المكونة من توربينات غازية من إنتاج شركة جنرال إلكتريك الأمريكية وتشتمل على توربينات بخارية ومقطرات تنتج 12 مليون جالون في اليوم وهي اكبر مقطرات في العالم في ذلك الوقت وقد تم اختبارها لتستمر في العمل لفترة طويلة، بالإضافة لمحطتي العين وبني ياس والياسات ومقطرات متحركة تعمل في الجزر وإضاءة الطرق، مثل طريق أبوظبي- دبي وأبوظبي العين والعين دبي.
خطوط:
وتم خلال هذه الفترة أيضاً إنشاء خط لنقل الكهرباء بين أبوظبي والعين بطاقة 220 كيلوواط فضلاً عن شبكات بطاقة 11 و33 و132 كيلوفولت مع محطات التحويل على أن تكون الخطوط الناقلة دخل المدينة أرضية، رغم تكلفتها العالية، وأن تكون الخطوط خارج الجزيرة هوائية.
ضخ:
وتم أيضاً تمديد خط لنقل المياه المحلاة من أبوظبي للعين بقطر 18 بوصة، بدلاً عن الخط الذي كان قطر 9 بوصات لنقل المياه من العين لأبوظبي إضافة لخط آخر من الطويلة للعين بطاقة تبلغ 40 مليون جالون في اليوم.
إدارات منفصلة:
ويضيف القبيسي: "ومع توسع العمل في الدائرة لجأنا لإنشاء إدارة منفصلة للجزر وأخرى لمدينة العين وضواحيها وتتولى الدائرة في أبوظبي الإشراف عليهما وتو����ير احتياجاتهما وذلك في ظل المتابعة اللصيقة من رئيس الدولة والإشراف المباشر لرئيس الدائرة والذي كان يتابع العمل في هذه الإدارات ويصدر التعليمات بشأنهما بنفسه.
تقييم:
ويضيف القبيسي أن الدائرة لجأت للاستعانة بمجموعة من بيوت الخبرة والاستشاريين العالميين شهدت فترة منتصف السبعينات أيضاً تعيين مجلس الكهرباء البريطاني لتقييم أداء الأقسام المختلفة بالدائرة، وبشكل خاصة الحسابات وكيفية حساب تكلفة المياه والكهرباء وهو الأمر الذي ساعدنا كثيراً على تطوير الأداء بالدائرة.
تدريب:
وأنشأت الدائرة مركز تدريب في أم النار لتطوير الكوادر المواطنة وهو المركز الذي خرج الكثير من الكوادر المواطنة التي عملت في كافة المجالات الفنية والهندسية والإدارية والمالية ومحطات النقل والتوزيع بالدائرة حتى أن أحدهم ترقى في العمل حتى أصبح مديراً لمحطة أم النار الشرقية والغربية وهو عبدالجليل خوري.
طاقة شمسية:
يفتخر القبيسي بمحطة تقطير المياه التي كانت تعمل بالطاقة الشمسية في منطقة أم النار. "أنشأت هذه المحطة بواسطة شركة يابانية خلال فترة السبعينات وهي بذلك تكون أول محطة من نوعها في الدولة ومن الاستشاريين الذين عملوا فيها أذكر "مكتب الدكتور محمود على الساعي للاستشارات الهندسية والتصاميم".
دراسة:
لولجأت الدائرة أيضاً للاستعانة بشركة كهرباء طوكيو وشركة الكهرباء البريطانية لتقييم الأمور الفنية للدائرة وقد استفادت من ذلك كثيراً في تطوير مواصفاتها، "وعلى ضوء ذلك تم في بداية العام 1990 التعاقد مع شركة بكتل "Bechtel" لتقييم ما تم من تطور في عامل الدائرة ودراسة احتياجات الدائرة لمدة عشر سنوات قامة من 1990 وحتى 2000 مع إعادة التقييم كل أربع سنوات.
نموذج:
ويقول: "وعندما توسعت الدائرة في إنشاء محطاتها تطلب ذلك دراسة قوة وتحديد تيارات المياه فقامت واشتملت هذه الدراسة على وضع نموذج حي Life Model بمنطقة أم النار لقياس قوة وتحديد مسار تيارات المياه وذلك على ضوء التغيرات الكثيرة التي حدثت فيها نتيجة لعمليات الحفر الكبيرة التي شهدها الخليج العربي في ذلك الوقت بهدف تحديد المواقع الأفضل لقيام أي محطات لتحلية المياه في المستقبل".
مختبر:
وقامت الدائرة أيضاً بإنشاء مختبر كامل يحدد ما يمكن إضافته للمياه المقطرة وذلك بعد التشاور مع قسم الصحة بالبلدية ويقوم بإعداد كافة الدراسات المتعلقة بالمياه.
الشيخ زايد:
يقول القبيسي: "كان الشيخ زايد حريصاً على مصلحة المواطن وعلى المتابعة الدقيقة لكل الأنشطة التي تقوم بها الدائرة ودائماً يؤكد على أهمية تقديم أفضل الخدمات لمواطني الإمارة والمقيمين فيها، وأذكر أنه شخصياً أمرنا ببناء محطة المرفأ في المنطقة الغربية والتي شكلت نقلة كبيرة في إنتاج المياه والكهرباء بالإمارة".
فخر:
يفخر القبيسي بما قامت به الدائرة بفضل توجيهات المرحوم صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وسمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي حينها، والإشراف المباشر لرئيسها سمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان مما كان له كبير الأثر في تطوير العمل فيها بشقيه المياه والكهرباء.
استشاريون:
ومن الشركات الاستشارية يذكر شركة "لامير" و"مكتب الدكتور محمود على الساعى للاستشارات الهندسية والتصاميم" و"ميرز آند ماكلاين" و"موتس" و"مت ماكدونلاد ""Mott MacDonald و"بنكول وشركاه".
شخصيات:
ويتذكر القبيسي العديد من الشخصيات التي عملت معه في الدائرة منهم الشيبة خميس الظاهري وسعيد عتيق والدكتور درويش محمد خميس القبيسي والمهندس حبيب احمد، باكستاني الجنسية والأستاذ محمد عثمان عباس، سوداني الجنسية، وعمل الأخير كمستشار قانوني للدائرة لمدة 18 سنة.
قطاع الكهرباء اليوم:
وحول رؤيته لقطاع المياه والكهرباء اليوم، يقول القبيسي: "شهد القطاع اليوم تطوراً كبيراً وذلك بفضل توجيهات قيادتنا الرشيدة والجهود الكبيرة التي يبذلها العاملون فيه"، ويضيف: "والحمد الله الكهرباء لم تنقطع عندنا لفترة طويلة، الله يقويهم كل زمان له دور ورجال".
جوانب أخرى
رجل أعمال:
يعمل صياح القبيسي الآن كرجل أعمال وتتعدد أنشطه من التجارة وشركات الطيران والسياحة والسفريات وتأجير اليخوت وغيرها من الأنشطة.
هوايات:
يعشق صياح القبيسي رياضة المشي التي يمارسها بصورة يومية من الساعة 6 حتى 8 مساءاً فضلاً عن صيد الأسماك.
أسرته:
تزوج القبيسي في عام 74ولديه ولد واحد وبنات وكلهم يعملون معه في إدارة استثماراته وأعماله الخاصة.